فصل: ثم دخلت سنة ثلثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة ثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ خروج خارجي بالمغرب فنصر عليه وبعث بأعلام من أعلامه وآذان وآناف في خيوط ‏.‏

وفي هذه السنة صلب الحسين بن منصور الحلاج وهو حي في الجانب الشرقي في يوم الأربعاء وورد الخبر بانخساف جبل بالدينور يعرف بالتل وخروج ماء كثير من تحته أغرق عدة من القرى ‏.‏

ووصل الخبر بانخساف قطعة عظيمة من جبل لبنان وسقوطها في البحر ‏.‏

وورد كتاب من صاحب البريد يذكر أن بغلة وضعت فلوة ‏.‏

وفيها كثرت الأمراض والعلل والعفن ببغداد في الناس وكلبت الكلاب والذئاب في البادية وكانت تطلب الناس والدواب والبهائم فإذا عضت إنسانًا أهلكته ‏.‏

ومدت دجلة مدًا عظيمًا وكثرت الأمطار وتناثرت النجوم في ليلة الأربعاء لسبع بقين من جمادى الآخرة تناثرًا عجيبًا كلها إلى جهة واحدة نحو خراسان ‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي ‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن موسى بن جميل أبو إسحاق الأندلسي مولى بني أمية‏:‏ توفي بمصر في جمادى الأولى من هذه السنة ‏.‏

الأحوص بن المفضل بن غسان بن المفضل بن معاوية بن عمرو بن خالد ابن غلاب أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ غلاب امرأة وهي أم خالد بن الحارث بن أوس بن النابغة ويكنى الأحوص أبا أمية الغلابي ‏.‏

روى عن أبيه كتاب التاريخ وروى عن جماعة وكان يتجر في البز ببغداد فاستتر ابن الفرات عنده وقال له‏:‏ إن وليت الوزارة فأي شيء تحب أن أصنع بك فقال‏:‏ تقلدني شيئًا من أعمال السلطان قال‏:‏ ويحك لا يجيء منك عامل ولا أمير ولا قائد ولا كاتب ولا صاحب شرطة فأيش أقلدك قال‏:‏ لا أدري قال‏:‏ أقلدك القضاء قال‏:‏ قد رضيت ثم خرج ابن الفرات وولي الوزارة وأحسن إلى أبي أمية وأفضل عليه وولاه قضاء البصرة وواسط والأهواز وانحدر أبو أمية إلى أعماله وأقام بالبصرة وكان قليل العلم يخطئ إلا أن عفته وتصونه غطيا على نقصه فلم يزل بالبصرة حتى قبض عليه ابن كنداج أمير البصرة في بعض نكبات المقتدر لابن الفرات وكان بين أبي أمية وبين ابن كنداج وحشة فأودعه السجن وأقام فيه مدة إلى أن مات فيه ولا نعلم أن قاضيًا مات في السجن سواه ‏.‏

وبلغني من طريق آخر أن الأحوص كان بينه وبين ابن كنداج أمير البصرة وحشة وكان لا يركب إليه ويعارضه في الظلامات فيضح من يده ويكتب إلى ابن الفرات فيجيبه بالصواعق ويأمره بالسمع والطاعة إلى أن ورد كتاب طائر إلى ابن كنداج بالقبض على ابن الفرات فلكب إلى الأحوص فقبض عليه وأمشاه بين يديه طول الطريق إلى داره وأدخله السجن فأقام فيه مدة ثم مات ‏.‏

ثم عاد ابن الفرات إلى الوزارة فحدث بذلك فاغتم وقال‏:‏ هل له ولد فجيء بابن له فيه تغفيل فقال‏:‏ هذا لا يصلح فوصله بمال ‏.‏

جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل الخلال الدوري روى عنه أبو بكر الشافعي وتوفي في نصف شوال من هذه السنة ‏.‏

الحسين بن عمر بن أبي الأحوص أبو عبد الله الكوفي ولد سنة خمس عشرة ومائتين وحدث ببغداد فسمع منه الشافعي وابن الجعابي وكان ثقة وتوفي ببغداد في قطيعة الربيع في رمضان هذه السنة وحمل إلى الكوفة فدفن بها ‏.‏

عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب وهو أخو محمد بن عبد الله بن طاهر ولي إمارة بغداد وحدث عن الزبير بن بكار روى عنه الصولي والطبراني وكان أديبًا فاضلًا شاعرًا فصيحًا ‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أبو بشر محمد بن عمر الوكيل قال‏:‏ حدثنا محمد بن عمران المرزباني قال‏:‏ أخبرني محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا محمد بن عمران المرزباني قال‏:‏ أخبرني محمد بن يحيى قال‏:‏ أنشدني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر لنفسه‏:‏ حق التنائي بين أهل الهوى تكاتب يسخن عين النوى وفي التداني لا انفضى عمره تزاور يشفي غليل الجوى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا أحمد بن أبي سهل الحلواني حدثنا أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى قال‏:‏ كان أبي نازلًا في جوار عبيد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر فانتقل عنه إلى دار ابتاعها بنهر المهدي وهي دار كانت لاسحاق بن إبراهيم الموصلي فكتب إليه عبيد الله مستوحشًا‏:‏ يا من تحول عنا وهو يألفنا بعدت جدًا فألا كنت تلقانا فأجابه هارون بن علي‏:‏ بعدت عنكم بداري دون خالصتي ومحض ودي وعهدي كالذي كانا وما تبدلت مذ فارقت قربكم إلا همومًا أعانيها وأحزانا وهل يسر بسكنى داره أحد وليس أحبابه للدار جيرانا أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز عن أبي القاسم علي بن المحسن عن أبيه قال‏:‏ حدثنا أبو أحمد الفضل بعبد الرحمن بن جعفر الشيرازي قال‏:‏ حدثني أبو سليمان بن الثلاج قال‏:‏ قال أبي‏:‏ كان أصل نعمتي من ثمن خمسة أرطال ثلج وذلك أنه عز الثلج في بعض السنين ببغداد وكان عندي منه شيء فبعته وبقي عندي منه خمسة أرطال فاعتلت جارية لعبيد الله ب عبد الله بن طاهر كانت روحه من الدنيا وهو إذ ذاك أمير بغداد فطلبت ثلجًا فنفذ إلي فقلت‏:‏ ما عندي إلا رطل واحد فلا أبيعه إلا بخمسة آلاف درهم وكنت قد عرفت الحال فلم يجسر الوكيل على شراء ذلك ورجع يستأذن عبيد الله فشتمه عبيد الله وقال‏:‏ اشتره بأي ثمن كان ولا تراجعني فجاءني وقال‏:‏ خذ خمسة آلاف درهم وهات الرطل فقلت‏:‏ لا أبيعك إلا بعشرة آلاف درهم‏!‏ فلم يتجاسر على المراجعة وأعطاني عشرة آلاف درهم وأخذ الرطل فسقيت به المريضة وقويت نفسها وقالت‏:‏ أريد رطلًا آخر فجاءني الوكيل بعشرة آلاف درهم وقال‏:‏ هات رطلًا آخر فبعته فلما شربته العليلة تماثلت وطلبت الزيادة فجاءوا يلتمسون ذلك فقلت‏:‏ ما بقي عندي إلا رطل ولا أبيعه إلا بزيادة فداراني وأعطاني عشرة آلاف درهم ثم أحببت لأشرب أنا منه لأقول إني شربت ثلجًا يساوي الرطل منه عشرة آلاف درهم ثم أحببت لأشرب أنا منه لأقول إني شربت ثلجًا يساوي الرطل منه عشرة آلاف درهم فشربت منه رطلًا وجاءني الوكيل قرب السحر فقال‏:‏ الله الله قد والله صلحت الجارية فإن كان عندك منه شيء فاحتكم في بيعه فقلت‏:‏ والله ما عندي إلا رطل واحد ولا أبيعه إلا بثلاثين ألفًا فقال‏:‏ خذ فاستحييت من الله أبيع رطل ثلج بثلاثين ألفًا فقلت‏:‏ هات عشرين وأعلم أنك إن جئتني بعدها بملء الأرض ذهبًا لا تجد عندي شيئًا فأعطاني فلما شربته أفاقت فأكلت الطعام وتصدق عبيد الله بمال عظيم قال‏:‏ ودعاني من الغد وقال‏:‏ أنت بعد الله عز وجل رددت حياتي بحياة جاريتي فاحتكم فقلت‏:‏ أنا خادم الأمير وعبده فاستخدمني في شرابه وثلجه وكثير من أمر داره فكانت تلك الدراهم أصل نعمتي وتوفي عبيد الله في شوال هذه السنة ‏.‏

عبد الله بن محمد بن أبي كامل أبو محمد الفزاري وكان ينزل مدينة المنصور وحدث عن هوذة وداود بن رشيد ‏.‏

روى عنه أبو علي ابن وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة عن أربع وتسعين سنة ‏.‏

علي بن طيفور بن غالب أبو الحسن النسوي سكن بغداد وحدث بها عن قتيبة روى عنه أبو بكر الشافعي وابن مالك القطيعي وكان ثقة ‏.‏

وتوفي في صفر هذه السنة ‏.‏

محمد بن إبراهيم بن مطرف بن محمد بن علي أبو أحمد الاستراباذي كان من رؤساء استرباذ وكان المنظور إليه من بين أهلها وكان تاجرًا ثقة أمينًا معروفًا بالخير والبذل في ذات الله عز وجل كتب الحديث وحدث ويقال‏:‏ أنه كتب عن أبي سعيد الأشج وتوفى في هذه السنة ‏.‏

محمد بن جعفر بن محمد بن حبيب بن أزهر أبو عمر القتات الكوفي قدم بغداد وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومنجاب بن الحارث وأحمد بن يونس ‏.‏

روى عنه الخطبي والشافعي والجعابي وغيرهم وكان ضعيفًا وقال الدارقطني‏:‏ تكلموا في توفى ببغداد غرة جمادى الأولى وقيل‏:‏ لست خلون من جمادى الأولى سنة ثلثمائة وحمل من يومه إلى الكوفة ‏.‏

محمد بن جعفر بن محمد بن حفص بن عمر بن راشد أبو بكر الربعي الحنفي يعرف بابن الامام ولد سنة أربع عشرة ومائتين وسكن دمياط وحدث بها عن إسماعيل بن أبي أويس وأحمد بن يونس والحماني وابن المديني وغيرهم ‏.‏

وتوفي يوم الأربعاء لعشر خلون من ذي الحجة من هذه السنة وكان ثقة ‏.‏

محمد بن الحسن بن سماعة بن حيان أبو الحسن الحضرمي قدم بغداد وحدث بها عن أبي نعيم روى عنه أبو بكر الشافعي وغيره وقال الدارقطني‏:‏ ليس بالقوي ‏.‏

توفي ببغداد يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ثلثمائة ‏.‏

محمد بن الحسن بن محمد بن الحارث أبو عبد الله الأنباري ويعرف بالقرنجلي توفي في هذه السنة ‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وثلثمائة

فمن الحوادث فيها غزو الحسين بن حمدان الصائفة ففتح حصونًا كثيرة وقتل من الروم خلقًا كثيرًا ‏.‏

وفيها‏:‏ عزل المقتدر بالله محمد بن عبيد الله عن الوزارة وحبسه أيامًا مع ابنيه عبد الله وعبد الوهاب وقلد الوزارة علي بن عيسى وكان من أفضل الوزراء وأيامه أبهى من غيرها وكان يجتهد في العدل والإحسان ‏.‏

وفيها‏:‏ كثرت الأمراض الدموية بالناس ببغداد وكان ذلك في آخر تموز وآب وكان من ذلك المرض نوع سموه الماشري وكان طاعونًا قاتلًا ‏.‏

وفيها‏:‏ وصلت هدايا صاحب عمان إلى السلطان وفيها ببغة بيضاء وغزال أسود ‏.‏

وركب المقتدر في شعبان على الظهر إلى باب الشماسية على طريق الصحراء ثم انحدر إلى داره في دجلة وهي أول ركبة ظهر فيها للعامة ‏.‏

ولما ولي الوزارة علي بن عيسى شاوره المقتدر في أمر القرامطة فأشار بمكاتبة أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي المتغلب على هجر فتقدم إليه بمكاتبته فكتب كتابًا طويلًا يتضمن الحث على طاعة الخلفاء ويعاتبه على تركه الطاعة ويوبخه على ما يحكى عن أصحابه من إعلان الكفر وإنكارهم على من يسبح الله عز وجل ويقدسه واطراحهم الصلوات والزكوات واستهزائهم بأهل الدين واسترقاقهم الأحرار ثم تواعده فيه بالحرب إن لم يطع فوصل الكتاب إليه وقد قتل أبو سعيد وثب عليه خادم له صقلابي فقتله ثم دعا رجلًا من رؤساء أصحابه فقال له‏:‏ السيد يدعوك فلما دخل قتله ثم دعا آخر فقتله إلى أن دعا الخامس فرأى القتلى فصاح واطلع النساء فصحن فقبضن عليه قبل أن يقتل الخامس وقد كان أبو سعيد عهد إلى ابنه سعيد فلم يضطلع بالأمر فغلبه عليه أخوه الأصغر أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد فتوقفت الرسل الذين حملوا الكتاب عن إيصاله وكاتبوا الوزير علي بن عيسى فأمرهم بإيصال الكتاب إلى أولاده ومن قام مقامه فأوصلوه فكان من جوابهم بعد حمد الله عز وجل والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وتعظيم الخليفة وشكر ما يبلغهم عن الوزير من العدل وقالوا‏:‏ إنا لم نخرج من الطاعة ولكنا كنا قومًا مستورين فنقم علينا ذلك فجار من الناس لا دين لهم فشنعوا علينا وقذفونا بالكبائر ثم خرجوا إلى سبنا وضربنا ثم نادوا قد أجلناكم ثلاثة أيام فمن أقام بعدها أحل بنفسه العقوبة فخرجنا فوثبوا علينا قبل الأجل وضربونا واغرمونا الأموال فسألناهم أن يؤمنونا على أنفسنا فلم يفعلوا وأمر صاحب البلد بقتلنا فهربنا فأخذوا حرمنا وسلبوهم سلبًا قبيحًا وانتهبوا منازلنا فلجأنا إلى البادية فخرج ناس إلى المعتضد بالله فشنعوا علينا فصدق مقالتهم وبعث إلينا من يخاصمنا فدافعنا عن أنفسنا فقويت وحشتنا من الخلق وأما ما ادعى علينا من ترك الصلاة وغيرها فلا يجوز قبول دعوى إلا ببينة وإذا كان السلطان ينسبنا إلى الكفر بالله تعالى فكيف يسألنا أن ندخل في طاعته ‏.‏

فلما وصل كتابهم كتب الوزير إليه كتابًا جميلًا يعدهم فيه بالخير ‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ جرت ملاحة بين ابن الجصاص وإبراهيم بن أحمد المادرائي فقال إبراهيم بن أحمد‏:‏ مائة ألف دينار من مالي صدقة لقد ابطلت في الذي حكيته عني فقال له ابن الجصاص قفيز دنانير من مالي صدقة لقد صدقت وأبطلت في قولك فقال له إبراهيم المادرائي‏:‏ من جهلك أنك لا تعلم أن مائة ألف دينار أكثر من قفيز فعجب الناس من كلامهما واعتبر هذا فإذا القفيز ستة وتسعون ألف دينار ‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ قبض بالسوس على الحسين بن منصور الحلاج وحصل في يد عبد الرحمن خليفة علي بن أحمد الراسبي وأخذت له كتب ورقاع فيها أشياء مرموزة ثم حمل فأدخل إلى مدينة السلام على جمل ومعه غلام له على جمل آخر مشهورين ونودي عليه‏:‏ هذا أحد دعاة القرامطة فاعرفوه وحبس ثم أحضره الوزير علي بن عيسى وناظره فلم يجده يقرأ القرآن ولا يعرف من الفقه شيئًا ولا من الحديث ولا من الأخبار ولا الشعر ولا اللغة ‏.‏

فقال له علي بن عيسى‏:‏ تعلمك الطهور والفروض أجدى عليك من رسائل لا تدري ما تقول فيها كم تكتب ويلك إلى الناس‏:‏ تبارك ذو النور الشعشعاني ما أحوجك إلى الأدب ثم أمر به فصلب حيًا في الجانب الشرقي في مجلس الشرطة ثم في الجانب الغربي حتى رآه الناس ثم حمل إلى دار السلطان فحبس بها فاستمال بعض أهلها بإظهار السنة حتى مالوا إليه وصاروا يتكبرون به ويستدعون منه الدعاء قال مؤلفه‏:‏ وستأتي أخباره إن شاء الله تعالى وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك ‏.‏

ووقع وباء في آخر السنة ببغداد خصوصًا في الحربية حتى غلقت أكثر دورها ‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن محمد الهيثم أبو القاسم القطيعي كان يسكن قطيعة عيسى بن علي وحدث عن جماعة روى عنه القاضي المحاملي وأبو الحسين بن المنادي والخطبي غيرهم وقال الدارقطني‏:‏ هو ثقة صدوق ‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال‏:‏ حدثنا محمد بن العباس قال‏:‏ قرئ على ابن المنادي وأنا اسمع قال أبو القاسم ابراهيم بن محمد القطيعي‏:‏ مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلثمائة وكان حسن المعرفة بالحديث ثقة متيقظًا منزله بالجانب الغربي من قطيعة عيسى كتب عنه الناس ‏.‏

إبراهيم بن خالد الشافعي جمع العلم والزهد ومن تلامذته أبو بكر الاسماعيلي توفي في هذه السنة ‏.‏

إسماعيل بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول أبو الحسن التنوخي الأنباري ولد بها سنة اثنتين وخمسين ومائتين وورد بغداد فحدث بها عن عبد الله بن أحمد ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة وغيرهما ‏.‏

وكان حافظًا للقرآن عالمًا بأنساب اليمن كثير الحديث ثقة صدوقًا وتوفي بالأنبار في هذه السنة‏.‏

جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض قاضي الدينور طاف البلاد شرقًا وغربًا في طلب العلم ولقى الأعلام وسمع بخراسان ما وراء النهر واستوطن بغداد وحدث عن هدبة وابن المديني وبندار وأبي كريب وقتيبة وخلق كثير ‏.‏

روى عنه أبو الحسين بن المنادي وأحمد بن سلمان النجاد وأبو بكر الشافعي وغيرهم ‏.‏

وكان ثقة حجة ‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي‏:‏ قال‏:‏ بلغنا عن شيخنا أبي حفص عمر بن علي الزيات قال‏:‏ لما ورد جعفر الفريابي إلى بغداد استقبل بالطيارات والزبازب ووعد له الناس إلى شارع المنار بباب الكوفة ليسمعوا منه ‏.‏

فاجتمع الناس فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث فقيل‏:‏ نحو ثلاثين ألفًا وكان المستملون ثلثمائة وستة عشر قال العتيقي‏:‏ وسمعت شيخنا أبا الفضل الزهيري يقول‏:‏ سمعت جعفر بن محمد الفريابي يقول‏:‏ كان في مجلسه من أصحاب المحابر من يكتب حدود عشرة آلاف إنسان ما بقي منهم غيري سوى من كان لا يكتب ‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي حدثنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ عن أبيه قال‏:‏ سمعت أبا الحسن محمد بن جعفر بن محمد الفريابي يقول‏:‏ ولد أبي سنة سبع ومائتين وتوفي في ليلة الأربعاء في المحرم سنة إحدى وثلثمائة وهو ابن اربع وتسعين سنة وكان قد حفر لنفسه قبرًا الحسن بن الحباب بن مخلد بن محبوب أبو علي المقرئ الدقاق سمع لوينا وغيره وكان يقرأ بقراءة أبي عمرو روى عنه ابن المنادي وكان ثقة ‏.‏

توفي في يوم التروية يوم جمعة ودفن يوم عرفة من هذه السنة وقد قارب التسعين ‏.‏

الحسن بن سليمان بن نافع أبو معشر الدارمي البصري سكن بغداد وحدث بها عن أبي الربيع الزهراني وهدبة ‏.‏

روى عنه ابن قانع وأبو بكر الشافعي وقال الدارقطني‏:‏ ثقة ‏.‏

توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن في مقابر باب الكوفة ‏.‏

عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب من سروات الرجال وله قدر وجلالة

استقضاه المكتفى بالله على مدينة المنصور في سنة اثنتين وتسعين ومائتين فما زال كذلك إلى سنة ست وتسعين فإن المقتدر نقله إلى الجانب الشرقي ‏.‏

عبد الله بن محمد بن ناجية بن نجية أبو محمد البربري سمع سويد بن سعيد وأبا بكر بن أبي شيبة روى عنه أبو بكر ابن الأنباري وابن مقسم والشافعي وكان ثقة ثبتًا فاضلًا مشهرًا بالطلب مكثرًا إلا أنه اشتهر بصحبة الكرابيسي وتوفي في رمضان هذه السنة ‏.‏

علي بن أحمد الراسبي‏:‏ كانت إليه الأعمال من حد واسط إلى حد شهرزور وكان يتقلد جندي سابور والسوس وبادرايا وباكسايا إلى آخر حدودهما وكان ضمانه إلى آخر عمله بالف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار كل سنة ‏.‏

فتوفي في هذه السنة وورد الخبر بوفاته في جمادى الآخرة وخلف من العين ألف ألف دينار وآنية ذهب وفضة بقيمة مائة ألف دينار ومن الخيل والبغال والجمال ألف رأس ومن الخز ألف ثوب وقيل‏:‏ أنه كان له ثمانون طرازًا ينسج فيها الثياب ‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم أبو عبد الله القاضي المقدمي مولى ثقيف‏:‏ وتوفي في غرة شوال هذه السنة ‏.‏

محمد بن جعفر بن عبد الله بن جابر بن يوسف أبو جعفر الراشدي سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي وحدث عن أبي بكر الاثرم وروي عنه أبو بكر بن مالك القطيعي وكان ثقة وتوفي في محرم هذه السنة ‏.‏

محمد بن جعفر بن سعيد أبو بكر الجوهري حدث عن الحسن بن عرفة وروى عنه علي بن الحسن بن المثنى العنبري ‏.‏

محمد بن حبان بن الأزهر أبو بكر الباهلي البصري حدث عن أبي عاصم النبيل وروى عنه أبو بكر الجعابي قال عبد الغني الحافظ‏:‏ يحدث بمناكير وقال الصوري‏:‏ هو ضعيف أنبأنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا البرقاني قال‏:‏ سمعت عبد الله بن إبراهيم الأبندوني يقول‏:‏ ابن حبان لا بأس به إن شاء الله تعالى ‏.‏

بن عبد الملك بن أبي الشوارب يعرف بالأحنف كان يخلف أباه على القضاء بمدينة السلام وكان سريًا جميلًا واسع الأخلاق ‏.‏

وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة وتوفي أبوه في رجبها فكان بينهما في الوفاة ثلاثة وسبعون يومًا ودفنا في موضع واحد بالقرب من مقابر باب الشام ‏.‏

 ثم دخلت سنة اثنتين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه في أول يوم من المحرم ورد كتاب أبي الحسن نصر بن أحمد صاحب خراسان أنه واقع عمه اسحاق بن إسماعيل فأخذه أسيرًا فخلع على رسوله وحملت إليه الخلع لولاية خراسان ‏.‏

وفي صفر قرئ على المنابر كتاب بفتح بلاد الروم وورد من بشر الخادم كتاب يذكر فيه ما فتح من حصون الروم وما غنم وسبى وأنه أسر من البطارقة مائة وخمسين ‏.‏

وفي جمادى الأولى‏:‏ ختن المقتدر خمسة من أولاده ونثر عليهم خمسة آلاف دينار عينًا ومائة ألف درهم ورقًا ويقال‏:‏ أنه بلغت النفقة في هذا الختان ستمائة ألف دينار وختن قبل ذلك وفي هذا الشهر قبض على أبي عبد الله بن الجصاص الجوهري وأخذ منه ما قدره ستة عشر ألف ألف دينار عينًا وورقًا وآنية وثيابًا وخيلًا وخدمًا ‏.‏

وفي شهر رمضان أدخل أولاد المقتدر الكتاب وكان المؤدب أبو إسحاق إبراهيم ابن السري الزجاج ‏.‏

وفي ذي القعدة دخل رجل إلى المقتدر وادعى أنه ابن الرضا العلوي فكشف عن حاله فصح أنه ابن الضبعي فشهر في الجانبين وحبس ‏.‏

وخرج على الحاج رجل علوي ومعه بنو صالح بن مدرك الطائي فقطعوا عليهم الطريق وتلف خلق كثير من الحاج بالقتل والعطش وخرج اعراب على الحاج المنصرفين من مكة فأخذوا ما معهم من العين والأمتعة واستاقوا من جمالهم ما أرادوا وأخذوا من النساء مائتين وثمانين امرأة حرائر سوى المماليك وكان الذي حج بهم الفضل بن عبد الملك ‏.‏

وفي هذه السنة اتخذ علي بن عيسى المارستان بالحربية وأنفق عليه من ماله ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر أحمد بن محمد بن سلام بن عبدويه سكن مصر وحدث بها عن داود بن رشيد ولوين وغيرهما ‏.‏

روى عنه أبو سعيد بن يونس وقال‏:‏ توفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة وكان رجلًا صالحًا فاضلًا من خيار خلق الله عز وجل ‏.‏

أحمد بن يونس بن عبد الأعلى بن موسى الصدفي يكنى أبا الحسن‏:‏ ولد في ذي القعدة سنة أربعين ومائتين ‏.‏

وتوفي في أول يوم من رجب هذه السنة وكان من البكائين حدث عن أبيه وغيره ‏.‏

إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان أبو يعقوب الأنماطي سمع أحمد بن أبي الحواري وغيره روى عنه أبو عمرو بن السماك وإسماعيل الخطبي وابن مقسم وقال الدارقطني‏:‏ هو ثقة وتوفي في محرم هذه السنة ‏.‏

بشر بن نصر بن منصور أبو القاسم الفقيه سكن مصر أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني محمد بن علي الصوري أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور حدثنا أبو سعيد بن يونس قال‏:‏ بشر بن نصر بن منصور الفقيه على مذهب الشافعي يعرف بغلام عرق وعرق خادم من خدم السلطان كان على البريد بمصر وكان بشر بن نصر قد قدم معه في جملة من قدم من بغداد وكان فقيهًا متضلعًا دينًا ‏.‏

توفي بمصر سنة اثنتين وثلثمائة وقد سمعت منه ‏.‏

بدعة جارية عريب مولاة المأمون‏:‏ كانت مغنية وقد كان إسحاق بن أيوب بذل لمولاتها في ثمنها مائة ألف دينار وللسفير بينهما عشرين ألف دينار فدعتها فأخبرتها بالحال فلم تؤثر البيع فأعتقتها من وقتها وماتت لست بقين من ذي الحجة من هذه السنة وصلى عليها أبو بكر بن المهتدي وخلفت مالًا كثيرًا وضياعًا ما ملكها رجل قط ‏.‏

حمزة بن محمد بن عيسى بن حمزة أبو علي الكاتب جرجاني الأصل سمع من نعيم بن حماد روى عنه الجعابي وكان ثقة ‏.‏

توفي في رجب هذه السنة وقد قارب المائة ‏.‏

أبو علي النخاس النيسابوري حدث وكان ثقة صالحًا وتوفي بمصر في هذه السنة ‏.‏

عبد الله بن الصقر بن نصر بن موسى بن هلال أبو العباس السكري سمع إبراهيم بن المنذر الحزامي وروى عنه جعفر الخلدي وابن مالك القطيعي وكان صدوقًا ثقة توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ‏.‏

عبد الله بن محمد بن ياسين أبو الحسن الفقيه الدوري سمع من بندار وروى عنه أبو بكر الشافعي وكان ثقة وتوفي في هذه السنة ‏.‏

موسى بن القاسم بن إبراهيم أبو الحسن العلوي كتب الحديث وسمع الكثير وكتب عنه وكان رجلًا صالحًا متواضعًا يلزم الجامع وتوفي بمصر في رمضان هذه السنة ‏.‏

بشر بن إبراهيم بن خلف الأندلسي‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن المقتدر بالله وقف كثيرًا من المستغلات السلطانية على الحرمين وأحضر القضاة والعدول واشهدهم على نفسه بذلك ‏.‏

وفي يوم الأربعاء لتسع خلون من رمضان انقطع كرسي الجسر والناس عليه فغرق خلق كثير

وفي ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان انفض كوكب عظيم وبقي ضوؤه ساعة كالمقباس ‏.‏

وفيها‏:‏ أوقع ورقاء بن محمد بالأعراب بناحية الأجفر فقتل جماعة واستأسر جماعة وقدم بهم فوثبت العامة على الأسارى فقتلتهم وضرب رجل منهم بالسياط في باب العامة وقيل‏:‏ أنه صاحب حصن الحاجر وأن الحاج استجاروا به فوصل إليه من امتعتهم شيء كثير ‏.‏

ووقع حريق في سوق النجارين بباب الشام فاحترقت السوق بأهلها ووقعت شرارات في منارة الجامع بالمدينة فاحترقت ‏.‏

وفي ذي الحجة حم المقتدر وافتصد وبقي محمومًا ثلاثة عشر يومًا ولم يمرض في أيام خلافته غير هذه المرضة إلا ما لا يخلو منه الأصحاء من التياث قريب وكان يفتصد كثيرًا وأما دواء الإسهال فلم يشربه قط ‏.‏

وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك ‏.‏

ونظر علي بن عيسى بعين رأيه إلى أمر القرامطة فخافهم على الحاج وغيرهم فشغلهم بالمكاتبة والمراسلة والدخول في الطاعة وعاداهم وأطلق التسويق بسيراف فكفهم بذلك فخطأه الناس ونسبوه إلى موالاتهم فلما رأوا ما فعل القرامطة بعده بالناس علموا صواب رأيه ‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر أبو عبد الرحمن النسائي الإمام كان أول رحلته إلى نيسابور فسمع إسحاق بن إبراهيم الحنظلي والحسين بن منصور ومحمد بن رافع وأقرانهم ‏.‏

ثم خرج إلى بغداد فأكثر عن قتيبة وانصرف على طريق مرو فكتب عن علي بن حجر وغيره ثم توجه إلى العراق فكتب عن أبي كريب وأقرانه ثم دخل الشام ومصر وكان إمامًا في الحديث ثقة ثبتًا حافظًا فقيهًا وقال الدارقطني‏:‏ النسائي يقدم على كل من يذكر أنبأنا زاهر بن طاهر قال‏:‏ أنبأنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال‏:‏ حدثني محمد بن إسحاق الأصبهاني قال‏:‏ سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره وخرج إلى دمشق فسئل عن معاوية وما روى في فضائله فقال‏:‏ لا يرضى معاوية رأسًا برأس حتى يفضل قال‏:‏ وكان يتشيع فما زالوا يدفعون في خصيته حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى الرملة فمات فدفن بها سنة ثلاث وثلثمائة ‏.‏

قال الحاكم‏:‏ وحدثني علي بن عمر الحافظ أنه لما امتحن بدمشق قال‏:‏ احملوني إلى مكة‏!‏ فحمل إلى مكة فتوفي بها وهو مدفون بين الصفا والمروة ‏.‏

وكانت وفاته في شعبان هذه السنة وقال أبو سعيد بن يونس المصري‏:‏ توفي بفلسطين في صفر هذه السنة ‏.‏

أحمد بن عمر بن المهلب أبو الطيب البزاز البغدادي توفي بمصر في ربيع الآخر من هذه السنة

أحمد بن علي بن أحمد أبو الطيب المادرائي الكاتب ولد بسامرا وقد م به مصر صغيرًا وأكثر من كتابة الحديث وكان يتدين وولي خراج مصر جعفر بن محمد بن عيسى أبو الفضل المعروف بالقبوري حدث عن سويد بن سعيد روى عنه الشافعي وابن الصواف وكان ثقة ‏.‏

توفي في ربيع الآخر من هذه السنة ‏.‏

الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء أبو العباس الشيباني النسوي محدث خراسان في عصره رحل البلدان وسمع الكثير فسمع بخراسان حبان بن موسى وإسحاق بن إبراهيم وقتيبة وعلي بن حجر في آخرين وسمع ببغداد أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبا خيثمة في آخرين وسمع بالبصرة أبا كامل وهدبة وشيبان بن فروخ في آخرين ‏.‏

وسمع بالكوفة من أبي بكر بن أبي شيبة في آخرين وبالحجاز إبراهيم بن المنذر الحزامي في آخرين وبمصر هارون بن سعيد الأيلي وأبا طاهر وحرملة في آخرين وبالشام صفوان بن صالح وهشام بن خالد والمسيب بن واضح وهشام بن عمار في آخرين وصنف المسند الكبير والجامع والمعجم وروى مصنفات ابن المبارك وتفقه على أبي ثور وكان يفتي على مذهبه وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل وإليه كانت الرحلة بخراسان ‏.‏

حدثنا محمد بن ناصر الحافظ من لفظه قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي إجازة أخبرنا أبو نعيم بشرويه بن محمد بن إبراهيم المعقلي قال‏:‏ حدثني أبو نصر أحمد بن جعفر الاسفرائني قال‏:‏ حدثنا أبو الحسن الصفار الفقيه قال‏:‏ كنا عند الحسن بن سفيان النسوي وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من البلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتابة الحديث فخرج يومًا إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث فقال‏:‏ اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الاملاء قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقًا أو أديتم بما تحملتم من الكلف والمشقة من فروضه فرضًا فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانة وتعالى عني وعن أصحابي ببركة العلم وصفو العقيدة من الضيق والضنك اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث فاتفق حصولي باقصى المغرب ودخولي مصر في سبعة نفر من أصحابي طلبة العلم وسامعي الحديث وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأرواهم للحديث وأعلاهم إسنادًا وأصحهم رواية وكان يملي علينا كل يوم مقدارًا يسيرًا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو به حصول قوت يوم وطوينا ثلاثة أيام بلياليهن لم يذق أحد منا فيها شيئًا وأصبحنا في بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد منا من الجوع واحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح بذلك أنفسنا ولم تطب قلوبنا وأنف كل واحد منا من ذلك والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسمائنا وإرسالها رقعة في الماء فمن ارتفع اسمه كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوات لنفسه ولجميع أصحابه فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين وادعو الله سبحانه وتعالى بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج فلم أفرغ من الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال‏:‏ من منكم الحسن بن سفيان فرفعت رأسي من السجدة وقلت‏:‏ أنا الحسن بن سفيان فما الحاجة فقال‏:‏ أن الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم من الغفلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدًا بنفسه ومعتذر إليكم بلفظه ووضع بين يدي كل واحد منا صرة فيها مائة دينار فتعجبنا من ذلك وتحيرنا جدًا وقلت للشاب ما القصة في هذا فقال‏:‏ أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلمًا في جملة أصحابي فقال الأمير لي‏:‏ إني أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلي لم يستو قعودي حتى أتاني رسول الامير مسرعًا مستعجلًا يطلبني حثيثًا فأجبته مسرعًا فوجدته منفردًا في بيت واضعًا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل حشاه فقال لي‏:‏ أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه فقلت‏:‏ لا فقال‏:‏ اقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني واحمل هذه الصرر وسلمها إليه وإلى أصحابه فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاهًا إليهم فقال الشاب وسألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فقال‏:‏ دخلت إلى هذا البيت منفردًا على أن أستريح ساعة فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسًا في الهواء متمكنًا تمكن من أن يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فجعلت أنظر إليه متعجبًا حتى نزل إلى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه على خاصرتي وقال‏:‏ قم أدرك الحسن بن سفيان وأصحابه قم فأدركهم فم فأدركهم فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني فقلت له‏:‏ من أنت فقال أنا رضوان صاحب الجنة ومنذ أصابت سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك لي معه فعجل إيصال هذا المال إليهم ليزول هذا الوجع عني ‏.‏

قال الحسن‏:‏ فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله تعالى وأصلحنا أحوالنا ولم تطب نفوسنا بالمقام لئلا يزورنا الأمير ولئلا تطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة فخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد من واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل فلما أصبح الأمير ابن طولون جاء لزيارتنا فأخبر بخروجنا فأمر بابتياع تلك المحلة بأسرها وأوقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم الخلل ما أصابنا وذلك كله لقوة الدين وصفو الاعتقاد والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق ‏.‏

أنبأنا زاهر بن طاهر قال‏:‏ أنبأنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال‏:‏ سمعت أبا بكر محمد بن داود بن سليمان يقول‏:‏ كنا عند الحسن بن سفيان فدخل عليه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو عمرو الحيري وأبو بكر أحمد بن علي الحافظ فقال له أبو بكر بن علي‏:‏ قد كتبت للاستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق هذا الطريق من حديثك ‏.‏

فقال‏:‏ هات واقرأ فأخذ يقرأ فلما قرأ أحاديث أدخل إسنادًا منها في إسناد فرده الحسن إلى الصواب فلما كان بعد ساعة أدخل إسنادًا في إسناد فرده الحسن إلى الصواب فلما كان بعد ساعة أدخل إسنادًا في إسناد فرده إلى الصواب وقال له في الثالثة‏:‏ يا هذا لا تفعل فقد احتملتك مرتين وهذه الثالثة وأنا ابن تسعين سنة فاتق الله في المشايخ فربما استجيبت فيك دعوة ‏.‏

فقال له أبو بكر بن إسحاق‏:‏ مه لا تؤذ الشيخ ‏.‏

فقال أبو بكر بن علي‏:‏ إنما أردت أن يعلم الاستاذ أن أبا العباس يعرف حديثه قال الحاكم‏:‏ وسمعت أبا عمرو بن أبي جعفر يقول‏:‏ سمعت أبا بكر بن علي الرازي يقول في حياة الحسن بن سفيان‏:‏ ليس للحسن في الدنيا نظير ‏.‏

قال الحاكم‏:‏ وسمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الصفار يقول‏:‏ سمعت الحسن بن سفيان يقول كلما ورد في الحديث العبسي فهو كوفي وكلما ورد العيشي فهو بصري وكلما ورد العنسي فهو مصري توفي الحسن بن سفيان في هذه السنة ‏.‏

رويم بن أحمد وقيل ابن محمد بن رويم بن يزيد وفي كنيته ثلاثة أقوال‏:‏ أبو الحسن وأبو الحسين وأبو محمد وكان عالمًا بالقرآن ومعانيه وكان يتفقه لداود بن علي ‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري أخبرنا محمد بن الحسين السلمي قال‏:‏ سمعت أحمد بن إبراهيم يحكي عن أبي عمرو الزجاجي قال‏:‏ نهاني الجنيد أن أدخل على رويم فدخلت عليه يومًا وكان قد دخل في شيء من أمور السلطان فدخل عليه الجنيد فرآني عنده فلما خرجنا قال لي الجنيد‏:‏ كيف رأيته يا خراساني قلت‏:‏ لا أدري قال‏:‏ ان الناس يتوهمون أن هذا نقصان في حاله ووقته وما كان رويم أعمر وقتًا منه في هذه الأيام ولقد كنت أصحبه بالشونيزية في حاله الأول وكنت معه في خرقتين وهو الساعة أشد فقرًا منه في تلك الحالة وفي تلك الأيام ‏.‏

أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال‏:‏ حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري قال‏:‏ سمعت جعفرًا الخلدي يقول‏:‏ من أراد أن يستكتم سرًا فليستكتم كما فعل رويم كتم حب الدنيا أربعين سنة فقيل له‏:‏ كيف قال‏:‏ كان يتصوف أربعين سنة فولى بعد ذلك إسماعيل بن إسحاق القاضي قضاء بغداد وكانت بينهما مودة مؤكدة فجذبه إليه وجعله وكيلًا على بابه فترك التصوف ولبس الخز والفصب والدبيقي وركب وأكل الطيبات وبنى الدور وإذا هو كان يكتم حب الدنيا لما لم يجدها فلما وجدها أظهر ما كان يكتم من حبها ‏.‏

وتوفي رويم في هذه السنة ‏.‏

زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل‏:‏ حدث عن أبيه روى عنه النجاد قال الدارقطني‏:‏ هو ثقة ‏.‏

وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة وهو حدث ‏.‏

أبو حفص السقطي سمع بشر بن الوليد وداود بن رشيد وعثمان أبي شيبة روى عنه الخطبي وابن الصواف وكان شيخًا صالحًا ثقة توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ‏.‏

محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو علي الجبائي المتكلم أما المعتزلة ‏.‏

ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين وتوفي في شعبان هذه السنة ‏.‏

محمد بن إبراهيم أبو جعفر الغزال يلقب سمسمة حدث عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ‏.‏

وروى عنه الإسماعيلي ‏.‏

وتوفي في نصف رجب من هذه السنة يوم الجمعة ‏.‏

محمد بن الحسن بن العلاء أبو عبد الله السمسار يعرف بالخواتمي حدث عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وكان ثقة وتوفي في هذه السنة كان عبدًا صالحًا أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت قال‏:‏ أخبرني أبو نعيم الحافظ أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه إلي قال‏:‏ حدثني محمد بن خالد الآجري قال‏:‏ كنت أعمل الآجر فبينما أنا كنت أمشي بين الاشراج المضروبة إذ سمعت شرجًا يقول لشرج‏:‏ عليك السلام الليلة أدخل النار قال‏:‏ فنهيت الأجراء أن يطرحوها في النار وصارت الكتل باقية على حالها وما عملت بعد ذلك ‏.‏

 ثم دخلت سنة أربع وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه اضطرب أمر أبي الحسن علي بن عيسى بن الجراح وجرت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة فامتنع من كلامها وواصل الاستعفاء فقبض عليه وعلى أنسابه ونهبت دورهم دونه ولم يتعرض لشيء من أملاكه ‏.‏

وأخرج أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات فقلد الوزارة وخلع عليه يوم التروية سبع خلع وحمل إليه من دار السلطان ثلثمائة ألف درهم وعشرون خادمًا وثلاثون دابة لرحله وخمسون دابة لغلمانه وخمسون بغلًا لنقله وبغلان للعمارية بقبابها وثلاثون جملًا وعشر تخوت ثياب ‏.‏

وركب معه مؤنس الخادم وغلمان المقتدر بالله وصار إلى داره بسوق العطش وردت عليه ضياعه واقطع الدار التي بالمخرم فسكنها وسقى الناس في داره في ذلك اليوم وتلك الليلة أربعون ألف رطل من الثلج وزاد ثمن الشمع والكاغد يومئذ فكان هذا من فضائله وكان بين اعتقاله وبين رجوعه إلى الوزارة خمس سنين وأربعة أيام وسمع بعض العوام يوم خلع عليه يقول‏:‏ والك خذ إليك أخذوا منا مصحفًا وأعطونا طنبورًا فبلغ ذلك الخليفة فكان ذلك سبب الاحسان إلى علي بن عيسى وحسن النية فيه إلى أن أخرج عن الحبس ‏.‏

وفي فصل الصيف من هذه السنة‏:‏ تفزع الناس من شيء من الحيوان يسمى الزبزب ذكروا أنهم يرونه بالليل على سطوحهم وأنه يأكل أطفالهم وربما قطع يد الانسان إذا كان نائمًا وثدي المرأة فيأكله فكانوا يتحارسون طول الليل ويتزاعقون ويضربون الطسوت والهواوين والصواني ليفزعوه فيهرب ‏.‏

وارتجت بغداد من الجانبين بذلك واصطنع الناس لأطفالهم مكابًا من سعف يكبونها عليهم بالليل ودام ذلك حتى أخذ السلطان حيوانًا أبلق كأنه من كلاب الماء وذكروا أنه الزبزب وأنه صيد فصلب عند رأس الجسر الأعلى بالجانب الشرقي فبقي مصلوبًا إلى أن مات فلم يغن ذلك شيئًا وتبين الناس أنه لا حقيقة لما توهموه فسكنوا إلا أن اللصوص وجدوا فرصة وورد الخبر في هذه السنة من خراسان أنه وجد بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل من هذه الرؤس تسعة وعشرون رأسًا في اذن كل رأس رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كل رجل منهم وكان من الأسماء شريح بن حيان وخباب بن الزبير والخليل بن موسى وطلق بن معاذ وحاتم بن حسنة وهانىء بن عروة ‏.‏

وفي الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم إلا أن جلودهم قد جفت وقد سنان ابن ثابت الطبيب أمر المارستانات ببغداد وكانت خسمة ‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أيوب أبو إسحاق المخرمي حدث عن القواريري وسري السقطي وغيرهما قال أبو بكر الإسماعيلي‏:‏ كان صدوقًا وقال الدارقطني‏:‏ ليس بثقة حدث عن قوم ثقات أحاديث باطلة وتوفي في رمضان هذه السنة ‏.‏

إبراهيم بن موسى بن إسحاق سمع بشر بن الوليد القاضي وعبد الأعلى بن حماد النرسي ومجاهد بن موسى وابني أبي شيبة في آخرين روى عنه أبو الحسين بن المنادي وأبو علي ابن الصواف وغيرهما وكان ثقة صدوقًا ‏.‏

توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة وقيل‏:‏ بل في سنة ثلاثة ‏.‏

إسحاق بن إبراهيم بن يونس بن موسى أبو يعقوب المعروف بالمنجنيقي الوراق حدث عن هناد وأبي كريب وغيرهما ‏.‏

روى عنه جعفر الخلدي والطبراني وكان صدوقًا صالحًا زاهدًا ‏.‏

وتوفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة ‏.‏

طاهر بن عبد العزيز أبو الحسن الاندلسي الرعيني سمع من علي بن عبد العزيز وإسحاق الدبري وكان عاقلًا فهمًا عارفًا باللغة ‏.‏

وتوفي في هذه السنة ‏.‏

عبد العزيز بن محمد بن دينار أبو منحدم الفارسي سمع داود بن رشيد ‏.‏

روى عنه أبو علي الصواف وكان ثقة صادقًا عابدًا زاهدًا صالحًا ‏.‏

توفي في هذه السنة ‏.‏

محمد بن أحمد بن خالد بن شيرزاذ أبو بكر البوراني قاضي تكريت حدث ببغداد عن القاسم بن يزيد صاحب وكيع وأحمد بن منيع ولورين وغيرهم ‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني عل بن محمد بن نصر الدينوري قال‏:‏ سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول‏:‏ سألت الدارقطني عن محمد بن أحمد بن خالد البوراني فقال‏:‏ لا بأس به ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء ‏.‏

قال ابن ثابت‏:‏ وقرأت في كتاب محمد بن المظفر بخطه توفي أبو بكر البوراني يوم الأحد قبل الظهر ودفن العصر في مقابر القطيعة لثمان خلون من صفر سنة أربع وثلثمائة ‏.‏

محمد بن أحمد بن الهيثم بن منصور أبو جعفر الدوري سمع أباه ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وغيرهما ‏.‏

روى عنه أبو بكر الشافعي ومحمد بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن صالح بن عبد الله بن الحصين بن علقمة بن لبيد بن نعيم بن عطارد بن حاجب بن زرارة أبو الحسن التميمي المصري يلقب فروجة قدم بغداد وحدث بها عن جماعة من المصريين روى عنه الجعابي ومحمد بن المظفر وغيرهما وكان ثقة حافظًا وتوفي في هذه السنة ‏.‏

محمد بن الحسين بن خالد أبو الحسن القنبيطي سمع إبراهيم بن سعيد الجوهري ويعقوب الدورقي روى عنه أبو علي بن الصواف وكان ثقة توفي ليلة الثلاثاء لليلتين خلتا من صفر هذه السنة‏.‏

يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب الرازي صحب ذا النون المصري وسمع أحمد بن حنبل

روى عنه أبو بكر النجاد ‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي قال‏:‏ أخبرنا أبو طالب عقيل بن عبيد الله بن أحمد السمسار أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد الرازي قال‏:‏ سمعت يوسف بن الحسين يقول‏:‏ قيل لي‏:‏ إن ذا النون المصري يعرف اسم الله الأعظم فدخلت مصر فذهبت إليه فبصر بي وأنا طويل اللحية ومعي ركوة طويلة فاستبشع منظري فلم يلتفت إلي فلما كان بعد أيام داء إليه رجل صاحب كلام فناظر ذا النون فلم يقم ذو النون بالحجج عليه فأخذته إلي وناظرته فقطعته فعرف ذو النون فضلي فقام إلي وعانقني وجلس بين يدي وهو شيخ وأنا شاب وقال‏:‏ اعذرني فلم أعرفك فعذرته وخدمته سنة فلما كان بعد رأس السنة قلت له‏:‏ يا أستاذ قد خدمتك وقد وجب حقي عليك وقيل لي انك تعرف اسم الله الاعظم وقد عرفتني فلا تجد له موضعًا مثلي فأحب أن تعلمني إياه

قال‏:‏ فسكت عني ذو النون ولم يجبني وكأنه أومى إلي أن يخبرني قال‏:‏ فتركني بعد ذلك ستة أشهر ثم أخرج إلي من بيته طبقًا ومكبة مشدودًا في منديل وكان ذو النون يسكن الجيزة فقال‏:‏ تعرف فلانًا صديقنا في الفسطاط قلت‏:‏ نعم قال‏:‏ فأحب أن تؤدي هذا إليه فأخذت الطبق وهو مشدود وجعلت أمشي طول الطريق وأنا متفكر فيه مثل ذي النون يوجه إلى فلان ترى أيش هو قال‏:‏ فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر فحللت المنديل ورفعت المكبة فإذا فأرة قفزت من الطبق ومرت قال‏:‏ فاغتظت غيظًا شديدًا وقلت‏:‏ ذو النون يسخر بي ويوجه مع مثلي فأرة فرجعت على ذلك الغيظ فلما رآني عرف ما بي فقال‏:‏ يا أحمق إنما أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني عبد العزيز بن علي الأزجي حدثنا محمد بن أحمد المفيد قال‏:‏ سمعت أبا الحسن علي بن إبراهيم الرازي يقول‏:‏ حكى لي أبو خلف الوزان عن يوسف بن الحسين أنه رئي في المنام فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك قال‏:‏ غفر لي ورحمين فقيل‏:‏ بماذا قال‏:‏ بكلمة أو بكلمات قلتها عند الموت قلت‏:‏ أللهم إني نصحت الناس قولًا وخنت نفسي فعلًا فهب لي خيانة فعلي لنصح قولي توفي يوسف في هذه السنة ‏.‏

يموت بن المزرع بن يموت أبو بكر العبدي من عبد القيس بصري قدم بغداد وحدث بها عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي وكان صاحب أخبار وآداب وملح وهو ابن أخت الجاحظ واسمه يموت ثم تسمى محمدًا فغلب الاسم الأول عليه ‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أنبأنا أبو بكر ثابت قال‏:‏ أخبرني محمد بن اليزدي قال‏:‏ أخبرني الحسين بن عمر بن محمد القاضي في كتابه قال‏:‏ سمعت يموت بن المزرع يقول‏:‏ بليت بالاسم الذي سماني به أبي فإني إذا عدت مريضًا فاستأذنت عليه فقيل‏:‏ من ذا قلت‏:‏ أنا ابن المزرع واسقطت اسمي ‏.‏

 ثم دخلت سنة خمس وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه قدم رسول ملك الروم في الفداء والهدنة ‏.‏

وكان الرسول غلامًا حدث السن ومعه شيخ وعشرون غلامًا فأقيمت له الانزال الواسعة ثم أحضروا بعد أيام دار السلطان وأدخلوا وقد عبىء لهم العسكر وصف بالأسلحة التامة وكانوا مائة وستين ألفًا ما بين فارس وراجل وكانوا من أعلى باب الشماسية إلى الدار وبعدهم الغلمان الحجرية والخدم والخواص بالسمة الظاهرة والمناطق المحلاة وكانوا سبعة آلاف خادم منهم أربعة آلاف بيض وثلاثة آلاف سود وكان الحجاب سبعمائة حاجب وفي دجلة الطيارات والزبازب والسميريات بأفضل زينة وسار الرسول فمر على دار نصر القشوري الحاجب فرأى منظرًا عظيمًا فظنه الخليفة فداخلته له هيبة حتى قيل له‏:‏ انه الحاجب وحمل إلى دار الوزير فرأى أكثر مما رأى ولم يشك أنه الخليفة فقيل له‏:‏ هذا الوزير وزينت دار الخليفة فطيف بالرسول فيها فشاهد ما هاله وكانت الستور ثمانية وثلاثين ألف ستر والديباج المذهب منها إثنا عشر ألفًا وخمسمائة وكانت البسط اثنين وعشرين ألفًا وكان في الدار من الوحش قطعان تأنس بالناس وتأكل من أيديهم وكان هناك مائة سبع كل سبع بيد سباع ثم أخرج إلى دار الشجرة وكانت شجرة في وسط بركة فيها ماء صاف والشجرة ثمانية عشر غصنًا لكل غصن منها شاخات كثيرة عليها الطيور والعصافير من كل نوع مذهبة ومفضضة وأكثر قضبان الشجرة فضة وبعضها مذهب وهي تتمايل ولها ورق مختلف الألوان وكل شيء من هذه الطيور يصفر ثم أدخل إلى الفردوس وكان فيه من الفرش والآلات ما لا يحصى وفي دهاليزه عشرة آلاف جوشن مذهبة معلقة ويطول شرح ما شاهد الرسول من العجائب إلى أن وصل إلى المقتدر وهو جالس على سرير من آبنوس قد فرش بالدبيقي المطرز وعن يمنة السرير تسعة عقود معلقة وعن يسرته تسعة أخرى من أفخر الجواهر يعلو ضوؤها على ضوء النهار فلما وصل الرسولان إلى الخليفة وقفا عنده على نحو مائة ذراع وعلي بن محمد بن الفرات قائم بين يديه والترجمان واقف يخاطب ابن الفرات وابن الفرات يخاطب الخليفة ثم أخرجا وطيف بهما في الدار حتى أخرجا إلى دجلة وقد أقيمت على الشطوط الفيلة مزينة والزرافة والسباع والفهود ثم خلع عليهما وحمل إليهما خمسون سقروقًا في كل سقروق بدرة عشرة آلاف درهم ‏.‏

وورد من مرو كتاب على السلطان أن نفرا عثروا من سور مدينة مرو على نقب فكشفوا عنه الكيس فوصلوا إلى أزج فأصابوا فيه ألف رأس وفي أذن كل رأس رقعة كتب فيها اسم صاحبه

وفي هذه السنة‏:‏ ورد على السلطان هدايا جليلة من أحمد بن هلال صاحب عمان وفيها أنواع الطيب ورماح وطرائف من طرائف البحر وطائر أسود يتكلم بالفارسية والهندية أفصح من الببغاء وظباء سود ‏.‏

وفيها قلد أبو عمر محمد بن يوسف القضاء بالحرمين وكتب له عهده ‏.‏

وفيها ثارت فتنة بالبصرة وشغبوا على واليهم الحسن بن الخليل الفرغاني وأحرق الجامع وقتل من العامة خلق عظيم ‏.‏

وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك ‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إسماعيل بن إسحاق بن الحصين ابن بنت معمر بن سليمان أبو محمد الرقي سكن بغداد وحدث عن أحمد بن حنبل وغيره حدث عنه محمد بن المظفر الحافظ توفي في سليمان بن محمد بن أحمد أبو موسى النحوي المعروف بالحامض كان من علماء الكوفيين أخذ عن ثعلب وصحبه أربعين سنة وهو المقدم من أصحابه والذي جلس بعده في مجلسه وصنف كتبًا منها غريب الحديث وخلق الإنسان والوحوش والنبات روى عنه أبو عمر الزاهد وكان دينًا صالحًا ‏.‏

وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن بباب التبن ‏.‏

عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك أبو محمد البخاري سمع الحسن بن علي الحلواني ولوينًا وعثمان بن أبي شيبة روى عنه محمد بن المظفر وكان ثقة ثبتًا صالحًا توفي في هذه السنة‏.‏

القاسم بن زكريا بن يحيى أبو بكر المقرىء المعروف بالمطرز سمع سويد بن سعيد وأبا كريب

روى عنه الخلدي والجعابي ‏.‏

وكان ثقة ثبتًا قارئًا مصنفًا محمد بن إبراهيم بن أبان بن ميمون أبو عبد الله السراج سمع يحيى بن عبد الحميد الحماني وعبيد الله بن عمر القواريري وسريج بن يونس وغيرهم ‏.‏

وروى عنه أبو حفص الأبار وعلي بن محمد بن لؤلؤ وغريهما وكان ثقة ‏.‏

وتوفي في هذه السنة وقيل‏:‏ سنة ست وثلثمائة والله أعلم ‏.‏